Rabu, 21 September 2011

شرح سفينة النجا Part-2



     [مسألة] قال إسماعيل الحامدي: فإن قيل إن الرحمة للنبي حاصلة فطلبها تحصيل الحاصل. فالجواب: أن المقصود بصلاتنا عليه طلب رحمة لم تكن فإنه ما من وقت إلا وهناك رحمة لم تحصل له، فلا يزال يترقى في الكمالات إلى ما لا نهاية له فهو ينتفع بصلاتنا عليه على الصحيح، لكن لا ينبغي أن يقصد المصلي ذلك بل يقصد التوسل إلى ربه في نيل مقصوده، ولا يجوز الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلّم بغير الوارد كرحمه الله بل المناسب واللائق في حق الأنبياء الدعاء بالصلاة والسلام وفي حق الصحابة والتابعين والأولياء والمشايخ بالترضي وفي حق غيرهم يكفي أي دعاء كان انتهى. (على سيدنا محمد) هو أفضل أسمائه صلى الله عليه وسلّم والمسمي له بذلك جده عبدالمطلب في سابع ولادته لموت أبيه قبلها فقيل له: لم سميته محمداً وليس من أسماء آبائك ولا قومك؟ فقال: رجوت أن يحمد في السماء والأرض وقد حقق الله رجاءه. وقيل: المسمي له بذلك أمه أتاها ملك فقال لها: حملت بسيد البشر فسميه محمداً، وإنما أتى بالصلاة في أول كتابه على رسول الله صلى الله عليه وسلّم عملاً بالحديث القدسي وهو قوله تعالى: عبدي لم تشكرني إذا لم تشكر من أجريت النعمة على يديه، ولا شك أنه صلى الله عليه وسلّم الواسطة العظمى لنا في كل نعمة بل هو أصل الإيجاد لكل مخلوق آدم وغيره، وبقوله صلى الله عليه وسلّم: "من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام اسمي في ذلك الكتاب" قال عبدالمعطي السملاوي في معنى هذا الحديث أي من كتب الصلاة وصلى أو قرأ الصلاة المرسومة في تأليف حافل أو رسالة لم تزل الملائكة تدعو بالبركة أو تستغفر له (خاتم النبيين) بفتح التاء وكسرها والكسر أشهر أي طابعهم كما في المصباح فلا نبي بعده صلى الله عليه وسلّم فهو آخرهم في الوجود باعتبار جسمه في الخارج. (وآله) وهم جميع أمة الإجابة لخبر: "آل محمد كل تقي" أخرجه الطبراني وهو الأنسب بمقام الدعاء ولو عاصين لأنهم أحوج إلى الدعاء من غيرهم، وأما في مقام الزكاة فالمراد بالآل هم بنو هاشم وبنو المطلب.
     [تنبيه] أصل آل أهل قلبت الهاء همزة توصلاً لقلبها ألفاً ثم قلبت الهمزة ألفاً لسكونها وانفتاح ما قبلها هذا مذهب سيبويه، وقال الكسائي: أصله أول على وزن جمل تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفاً. (وصحبه) وهو من اجتمع مؤمناً بالنبي صلى الله عليه وسلّم بعد الرسالة ولو قبل الأمر بالدعوة في حال حياته اجتماعاً متعارفاً بأن يكون في الأرض ولو في ظلمة أو كان أعمى وإن لم يشعر به، أو كان غير مميز أو ماراً أحدهما على الآخر ولو نائماً أو لم يجتمع به، لكن رأى النبي أو رآه النبي ولو مع بعد المسافة ولو ساعة واحدة بخلاف التابعي مع الصحابي فلا تثبت التابعية إلا بطول الاجتماع معه عرفاً على الأصح عند أهل الأصول والفقهاء أيضاً، ولا يكفي مجرد اللقاء بخلاف لقاء الصحابي مع النبي لأن الاجتماع به يؤثر من النور القلبي أضعاف ما يؤثره الاجتماع الطويل بالصحابي وغيره، لكن قال أحمد السحيمي التابعي هو من لقي الصحابي ولو قليلاً وإن لم يسمع منه. ثم اعلم أن الخلفاء الأربعة في الفضل على حسب ترتيبهم في الخلافة عند أهل السنة فأفضلهم أبو بكر واسمه عبد الله ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم ويدل لذلك حديث ابن عمر: كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلّم يسمع: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي فلم ينهنا. ويليهم في الأفضلية الستة الباقون وهم: طلحة والزبير وعبدالرحمن وسعد وسعيد وعامر ولم يرد نص بتفاوت بعضهم على بعض في الأفضلية فلا نقول به، أما من اجتمع بالأنبياء قبله صلى الله عليه وسلّم فيقال لهم حواريون. (أجمعين) توكيد لآله وصحبه.
     [تنبيه] قال محمد الأندلسي: أما أجمع وتوابعه فمعارف بالعلمية الجنسية، وأما النفس والعين وكل فمعارف بإضافتها لضمير المؤكد. (ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) أي لا تحول عن معصية الله إلا بالله ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله، هكذا ورد تفسيره عنه عليه السلام عن جبريل أفاده شيخنا يوسف السنبلاويني والمعلي المرتقع الرتبة المنزه عما سواه والعظيم ذو العظمة والكبرياء قاله الصاوي، وإنما أتى المصنف بالحوقلة لأجل التبري منهما، فهذه علامة الإخلاص منه رضي الله عنه كما قاله بعضهم: صحح عملك بالإخلاص وصحح إخلاصك بالتبري من الحول والقوة، وأيضاً هي غراس الجنة كما في حديث المعراج لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلّم سيدنا إبراهيم عليه السلام جالساً عند باب الجنة على كرسي من زبرجد أخضر قال لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم: مر أمتك فلتكثر من غراس الجنة فإن أرضها طيبة واسعة فقال: وما غراس الجنة؟ فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

0 komentar:

Posting Komentar